بهذا التشريع المتواتر صار الاسلام دين قتال ، بدل
ان يظل دين سلام كما يؤخذ من اسمه .
و تبرير تشريع القتال فى الدين يزيد الأمر حرجا . فالغاية
الأولى منه رد الفتنة عن الدين بالقوة : " و الفتنة
أشد من القتل " ( البقرة 191 ) . إن الفتنة تبرر
القتل : " و الفتنة أكبر من القتل " ( البقرة
217 ) . و قامت الحرب الأهلية بين العرب " حتى لا
تكون فتنة ، و يكون الدين كله لله " ( البقرة 193
) . إن الحرب الأهلية مفروضة مشروعة : " و قاتلوهم
حتى لا تكون فتنة ، و يكون الدين كله لله " ( الانفال
39 ) . و يتبع ذلك قتل المرتد عن دينيه : " و من
يرتدد منكم عن دينه . قيمت و هو كافر " ( البقرة
217 ) .
و الغاية الثانية فى دين القتال المغانم الكثيرة : "
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ، فعجل لكم هذه ، و كف
أيدى الناس عنكم ، و لتكون آية للمؤمنين " ( الفتح
20 ) . فالمغانم الكثيرة التى تجنى من فريضة الجهاد و
شريعة القتال هى آية الله فى دينه !
تلك الغاية المزدوجة برهان على ان القتال لم يشرع فقط
للدفاع عن حرية الدين ، بل فرض لفرض الاسلام بالقوة على
العرب : " كانت مهمة النبى ، و هو يهاجر ، واضحة
: و هى أن يكره قريش على الاسلام بحد السيف ، بعد ان بذل
لها النصح ثلاثة عشر عاما فلم تزد إلا عتوا " 1 . فليس صحيحا أن " حروب النبى عليه السلام كانت
كلها حروب دفاع ، و لم تكن منها حرب هجوم إلا على سبيل
المبادرة بالدفاع ، بعد الايقان من نكث العهد و الاصرار
على القتال ، و تستوى فى ذلك حروبه مع قريش ، و حروبه
مع اليهود أو الروم " 2 . فبعد احتلال مكة و
السيطرة على الحجاز ، ظلت الحروب قائمة : أللدفاع أم للهجوم
؟ و بعد تصفية اليهود بالمدينة ، هل كان غزو اليهود فى
الشمال للدفاع أم للهجوم ؟ و بعد استضافة المهاجرين بالحبشة
، أكانت غزوة مؤتة ثم تبوك للدفاع أم للهجوم ؟ إن دولة
فارس ، و دولة الروم كانتا قائمتين منذ الف سنة قبل الاسلام
، و لم يفكر أحد من الدولتين
|