( قلت ) الذى قاله الرافعى فى غاية الاتجاه ، و هو
الذى كنت أميل اليه قبل الوقوف عليه ، و التأويل الأخير
( حال الاغماء ) أصح من الاول ( حال النوم ) لأن قوله
" أنزل على آنفا " يدفع كونها نزلت قبل ذلك
. بل نقول : نزلت فى تلك الحالة ( الاغماء ) ، و ليس الاغفاء
اغفاء نوم ، بل الحالة التى كانت تعتريه عند الوحى ، فقد
ذكر العلماء أنه كان يؤخذ عن الدنيا " .
يستدل من ذلك ان محمدا كانت تعتريه حالة الاغماء ، ففسروها
بحالة صوفية " أنه كان يؤخذ عن الدنيا " و سموها
" برحاء الوحى " .
4 ) و ينقلون عن عائشة فى وصف " برحاء الوحى "
حديثا قالت : " كان رسول الله ص إذا نزل عليه الوحى
يغط فى رأسه و يتربد وجهه أى يتغير لونه بالجريدة ، و
يجد بردا فى ثناياه ، و يعرق حتى يتحدر منه مثل الجمان
" ( الاتقان 1 : 46 )
و ينقل الاستاذ دروزة 1 : " قالت عائشة : (
و لقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فينفصم
عنه ، و إن جبينه ليتفصد عرقا ) ... أخبر صفوان بن يعلى
: ( فإذا بالنبى محمر الوجه يغط كذلك ساعة ) ... أخبر
زيد بن ثابت ( فأنزل الله على رسوله و فخذه على فخذى فثقلت
على حتى خفت ان ترض فخذى ، ثم سرى عنه فانزل الله "
غير اولى الضرر " .
فما أسموه " برحاء الوحى " وصفه الشهود بأنه
حالة إغماء ، من أوصافها : " محمر الوجه يغط كذلك
ساعة " ، " يغط فى رأسه و يتربد وجهه "
، " و ان جبينه ليتفصد عرقا " ، " فثقلت
فخذه على حتى خفت أن ترض فخذى " .
يسمى الأطباء هذا الإغماء داء الصرع .
و المرض لا يتنافى و النبوة . لكن من الغريب ان يقرنوا
ذلك الداء بحالة الوحى ، و يسموه " برحاء الوحى "
، و قد بدأ معه فى سن الطفولة لما كان معه مرضعه ، و هو
دون الخامسة ، و سموا الحادث اسطورة " شق الصدر "
.
5 ) إن ما اسموه " برحاء الوحى " كان مرض
الإغماء اى داء الصرع الذى اعتراه منذ الصغر . و لعلهم
أخذوا الاسم عن الاقدمين الذى كانوا يسمون الصرع "
المرض الإلهى " . يقول العقاد 2 :
|