محمد بمعجزة " الحديد الذى فيه بأس شديد ، و منافع
للناس " ( الحديد 25 ) دخلوا فى دين الله أفواجا
( النصر 2 ) .
تجاه هذا الواقع القرآنى قال الأقدمون بأعجاز القرآن
فى النظم و البيان معجزة له . و سنرى أمرها بعد حين .
و لعدم اقتناع المدرسة العصرية بصحة اعجاز القرآن و
البيان معجزة له – و قد حطمها المرحوم فريد وجدى تحطيما
– قالوا : ليست المعجزة بلازمة لصحة النبوة و التنزيل
؟ و قالوا مع الاستاذ دروزة 1 :
" و هذه النواحى الايجابية فى النصوص القرآنية
يصح أن تكون مفسرة لحكمة ذلك الموقف السلبى ( من المعجزات
) ، بحيث يصح أن يستلهم منها و أن يقال – و قد ألمع الى
ذلك غير واحد من الباحثين أيضا – إن حكمة الله اقتضت أن
لا تكون الخوارق دعامة لنبوة سيدنا محمد عليه السلام ،
و برهانا على صحة رسالته ، و صدق دعوته التى جاءت بأسلوب
جديد :
" هو اسلوب لفت النظر الى الكون و ما فيه من آيات
باهرة ، و البرهنة بها على وجود الله ، و قدرته الشاملة
، ووحدته ، و استحقاقه وحده للخضوع و العبادة و الاتجاه
، و بطلان الشرك و الوثنية أو سائر العقائد و التقاليد
المتناقضة مع هذا الأصل النقى البسيط .
" ثم اسلوب مخاطبة العقل و القلب ، فى الحث على
الفضائل ، و التنفير من الرذائل ، و إثبات قدرة الله على
الحياة الأخرى ، و فكرة الحق و العدل فيها .
" و على اعتبار ان الدعوة التى تقوم على تقرير
وجود الله و استحقاقه وحده للعبودية ، و اتصافه بجميع
صفات الكمال ، و على التزام الفضائل ، و اجتناب الفواحش
، هى فى غنى عن معجزات خارقة للعادة ، لا تتصل بها فى
الذات .
" و فى هذا ما فيه من وضوح ميزة الرسالة المحمدية
و ترشيحها للخلود و التعميم . و آيات الأنبياء السابقين
الخارقة حادثات وقعت و انقضت . و لكن اسلوب الدعوة القرآنية
– هذا الذى اختلف كل الاختلاف عن اسلوب الكتب المنزلة
على بعض اولئك الأنبياء – هو
|