" القرآن " الذى نزل فى " شهر رمضان
" . هذا كان " أمرا من عندنا : إنا كنا مرسلين
" ( الدخان 5 ) . و تعبير " القرآن " يعنى
قراءة الكتاب و " تفصيل الكتاب " .
و الشواهد متواترة مترادفة فى القرآن على ان "
القرآن " الذى نزل فى رؤيا غار حراء كان " أمرا
" لا كتابا كقوله : " و أمرت أن أكون من المسلمين
و أن أتلو القرآن " معهم ( النمل 91 – 92 ) و كقوله
: " إنما أمرت ان اعبد الله و لا أشرك به ؟ إليه
أدعو و اليه مآب " ( الرعد 36 ) . هذا هو موضوع رؤيا
غار حراء ، فى ليلة مباركة ، ليلة القدر ، من شهر رمضان
، حيث كان محمد معتكفا يصوم و يصلى على عادة الرهبان ،
و على طريقة استاذه ورقة بن نوفل ، قس مكة و حنيفها الأكبر
فى التحنف و الاعتكاف للصوم و الصلاة .
و تكشف لنا سورة الشورى موضوع هذا الأمر الربانى : "
و ما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا – أو من وراء حجاب
– أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء ، إنه على حكيم :
و كذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا ، ما كنت تدرى ما الكتاب
و لا الايمان ، و لكن جعلناه ، نورا نهدى به من نشاء من
عبادنا ، و إنك لتهدى الى صراط مستقيم ، صراط الله "
( 51 – 53 ).
ان " روحا من أمرنا " يعنى روحا من عالم الأمر
اى ملاكا . و الملاك الرسول " يوحى بإذنه ( تعالى
) ما يشاء " : فالوحى يأتى مباشرة من الملاك ، لا
من الله ، لذلك يقول : " و كذلك أوحينا اليك روحا
من أمرنا " . و التعبير عن الارسال بالوحى دليل على
انها رؤيا فى المنام ، لا رؤية فى اليقظة . و موضوع هذه
الرؤيا صريح : انه هداية الى الايمان بالكتاب ، لأن الله
جعله نورا يهدى به من يشاء ، و الملاك يؤكد له أنه "
يهدى الى صراط مستقيم " . " و قل : آمنت بما
أنزل الله من كتاب " حيث دين ابراهيم و مموسى و عيسى
الذى شرعه للعرب ( الشورى 13 و 15 ) .
فرؤيا محمد كانت " أمرا " بالكتاب ، و الانضمام
النهائى الى " المسلمين " من قبله ، و تلاوة
" قرآن " الكتاب الذى معهم على العرب . فليس
فيها تنزيل كتاب جديد على الاطلاق . هذا هو الواقع القرآنى
.
و الملاحظة الحاسمة أن القرآن لا يذكر لمحمد من اتصال
بملاك الوحى ، إلا فى هاتين التنزلتين من رؤيا غار حراء
. و القرآن العربى كله ينتسب الى هذه الرؤيا ، فى ليلة
مباركة ، هى ليلة القدر ، من شهر رمضان . |