و فى هذا الموقف المدنى من الآباء و الأبناء تطور
جديد لموقف القرآن المكى منهم فى حسن لمعاشرة و الصحبة
و البر بهم ( لقمان 14 – 15 ، العنكبوت 8 ) . فالاسلام
يقطع الصلة ما بين لآباء و الأبناء ، إن استحبوا الكفر
على الايمان ، و يوجب قتالهم لإظهار دين الله عليهم .
و فى هذا كل أهوال الحرب الأهلية بسبب الدين !
إن السيرة النبوية فى المدينة كانت حربا أهلية بسبب
الدين : فهل فى واقع الحال كما يشهد القرآن من اعجاز فى
الشخصية النبوية ؟
ثالثا : استباحة الحرمات بسبب شريعة الجهاد
1 – من الحرمات عند العرب كان القتال فى الشهر الحرام
، و القتال عند المسجد الحرام . فبدأ بالنهى عن القتال
فيهما إلا إذا بدأهم المشركون : " و لا تقاتلوهم
عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ، فإن قاتلوكم فاقتلوهم
، كذلك جزاء الكافرين ... " ( البقرة 191 ) ، "
الشهر الحرام بالشهر الحرام ، و الحرمات قصاص : فمن اعتدى
عليكم فاعتدواعليه بمثل ما اعتدى عليكم " ( البقرة
194 ) . تباح الحرمات قصاصا لمقابلة العدوان بمثله . إنها
الشريعة التوراتية ، العين بالعين ، و السن بالسن !
لكن تطورت الشريعة الى الاستباحة المطلقة فى إعلاء الاسلام
: " يسألونك عن الشهر الحرام : قتال فيه ؟ = قل :
قتال فيه كبير ! و صد عن سبيل الله ، و كفر به و المسجد
الحرام ، و اخراج أهله منه ، أكبر عند الله ، و الفتنة
أكبر من القتل " ! ( البقرة 217 ) . يستبيح القتال
فى الشهر الحرام ، و عند المسجد الحرام لثلاثة أسباب :
الصد عن الاسلام ، و إرغام المسلمين على الهجرة ، و محاولة
فتنتهم عن دينهم .
2 – و من الحرمات عند العرب و غير العرب حفظ العهود
فى عدم الاقتتال . فنزلت البراءة من العهد مع المشركين : " براءة من الله و رسوله الى الذين عاهدتم من المشركين
( 1 ) : فسيحوا فى الارض أربعة أشهر ، و اعلموا أنكم غير
مجزى الله و أن الله مخزى الكافرين ( 2 ) – و أذان من
الله و رسوله الى الناس يوم الحج الأكبر ان الله برىء
من المشركين و رسوله : فإن تبتم فهو خير لكم ، و إن توليتم
فاعلموا أنكم غير معجزى الله ، و بشر الذين كفروا بعذاب
أليم ( 3 ) إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم
شيئا و لم
|