ثانيا : صدى شريعة الجهاد فى نفوس المسلمين
إن أهوال شريعة الجهاد القرآنية تظهر آثارها فى نفوس
المسلمين أنفسهم .
الأثر الأول هو الكره الذى رافق الشريعة منذ سنها :
" كتب عليكم القتال و هو كره لكم " ( البقرة
216 ) . إن العرب الذين كانوا يعيشون علة الغزو و السبى
كانوا أول من استفظع شريعة الجهاد و القتال ، و تقبلوها
مرغمين .
الأثر الثانى و هو الخوف منها : " فلما كتب عليهم القتال ، إذا فريق منهم يخشون
الناس كخشية الله ، أو أشد خشية . و قالوا : ربنا لم كتبت علينا القتال ؟ لولا أخرتنا
إلى أجل قريب ؟ " ( النساء 77 ) . لقد نزلت عليهم شريعة القتال نزول الصاعقة ! و حال الناس
المنافقين كانت أشد هلعا: " و يقول الذين آمنوا: لولا نُزلت سورة ! فإذا أنزلت سورة محكمة، و ذكر
فيها القتال، رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت"(محمد 20)
صورة قرآنية رائعة لأهوال شريعة الجهاد فى نفوس العرب و المسلمين عينهم.
الأثر الثالث كان استفظاع الحرب الأهلية بسبب الدين
! يقول فى تهيئة فتح مكة : " يا أيها الذين آمنوا
، لا تتخذوا آباءكم و إخوانكم أولياء ، إن استحبوا الكفر
عن الايمان ، و من يتولهم منكم فأولئك هو الظالمون . قل
: إن كان آباكم و أبناؤكم و اخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم
و أموال اقترفتموها ، و تجارة تخشون كسادها ، و مساكن
ترضونها ، أحب اليكم من الله و رسوله و جهاد فى سبيله
، فتربصوا حتى يأتى الله بأمره ، و الله لا يهدى القوم
الفاسقين " ( التوبة 23 – 24 ) .
علق عليه دروزة 1 : " المتبادر أن النهى الشديد
الوارد فى الآيات موجه الى المهاجرين ، و أن الآيات نزلت
قبيل الفتح المكى ... و الآيات تدلنا على أن بعض المسلمين
المهاجرين كانوا يقاسون أزمات نفسية فى اضطرارهم الى الوقوف
من ذوى قرباهم موقف العداء ، و أن بعضهم كان رغم اخلاصه
لا يستطيع أن يمنع نفسه من الاستشعار لصلة الرحم ... إذ
كان لبعض المهاجرين آباء أو أبناء ما يزالون كفارا فى
مكة مندمجين مع أهلها فى موقف العداء من النبى و المسلمين
و آبائهم و أبنائهم المهاجرين معه " .
|