( هود 112 – 113 ) . " الذين ظلموا " كناية
متواترة عن المشركين و عن اليهود : فهل انضم اليهود الى
المشركين فى فتنة النبى عن دعوته ، منذ العهد المكى ؟
ان حث القرآن المتواتر على الاستقامة و الاخلاص ، فى
آخر العهد الثانى بمكة ، دليل على أن أزمة الايمان قد
بلغت ذروتها فى نفس محمد و جماعته ، حتى اضطر الى الهجرة
الشخصية الى الطائف . علق الزمخشرى على ( هود 112 ) :
" عن ابن عباس : " ما نزلت على رسول الله آية
كانت أشد و لا أشق عليه من هذه الآية . و لهذا كان يقول
: ( شيبتنى هود ) . قيل : ما الذى شيبك فيها ؟ قال : (
فاستقم كما أمرت ) ! ثم قال : أفتقر الى الله بصحة العزم
" !
إن الافتقار المشهود للاستقامة و الاخلاص فى الدين الذى
يدعو اليه ليس من الأعجاز فى الشخصية النبوية .
9 – الأزمة الايمانية التاسعة : التبديل فى آى القرآن
بعد الهجرة الشخصية الخاطفة الفاشلة الى الطائف ، قضى
محمد السنتين الأخيرتين بمكة فى أزمة ايمانية عاتية ،
نجم عنها ارتداد بعض جماعته عن الاسلام .
جاء فى سورة ( النحل 98 – 101 ) : " فإذا قرأت
القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ... و إذا بدلنا
آية مكان آية – و الله أعلم بما ينزل – قالوا : إنما أنت
مفتر " !
إن تبديل آية بآية فى تنزيل القرآن أمر واقع ، بشهادة
هذا النص القاطع . أما اقتران التبديل بالاستعاذة من الشيطان
فى تلاوة القرآن ، فهو يوحى بأن التبديل فى القرآن كان
يوسوسه الشيطان ! أإلى هذا الحد يصل سلطانه ؟ و لهذا شاهد
فى سورة ( الحج 52 ) .
و هذا التبديل اطلع عليه المسلمون و المشركون : فشنّع المشركون على النبى ، و حمل ذلك بعض
المسلمين على الارتداد على الاسلام ! علق على ذلك السيد دروزة 1 : " إننا نرجح أن حادث الارتداد
الذى أشارت اليه الآيات ( النحل 106- 109 ) كان بسبب و ظروف ما حكته الآيات التي سبقت هذه الآيات من
تبديل آية بآية . و روح الآيات ، مضمونها فى الجملة ، يلهم أنها نزلت فى صدد حادث له صلة بالقرآن ،
و يلهم أنه أوحى للنبى صلعم
|