و أزمة الشك من التنزيل القرآنى تزول عنه بالدرس لدى
أساتذته : " و كذلك نصرف الآيات – و ليقولوا : درست
! – و لنينه لقوم يعلمون . اتبع ما أوحى اليك من ربك ،
لا إله إلا هو ، و أعرض عن المشركين " ( الانعام
105 – 106 ) . فدرس و اطمأن لدى " قوم يعلمون "
، و تبرأ من " الذين لا يعلمون " أى من المشركين
، و طلع على الناس بفعل الايمان و التوبة : " و اذا
جاءك الذين يؤمنون بآياتنا ! فقل : سلام عليكم ، كتب ربكم
على نفسه الرحمة ، أنه من عمل منكم سوءا بجالهة ثم تاب
من بعده و أصلح فإنه غفور رحيم ، و كذلك نفصل الآيات ،
و لتستبين سبيلا المجرمين . قل : انى نهيت أن أعبد الذين
تدعون من دون الله ! قل : لا أتبع أهواءكم ! قد ضللت إذا
و ما أنا من المهتدين ! " ( الأنعام 54 – 56 ) .
بالدرس لدى " الراسخين فى العلم " صار على بينة
من ربه : " قل : إنى على بينة من ربى و كذبتم به
! " ( الأنعام 57 ) ، و ليس بالمعجزة : " ما
عندى ما تستعجلون به ... قل : لو ان عندى ما تستعجلون
به لقضى الأمر بينى و بينكم " ( الانعام 57 – 58
) . فالأزمات الايمانية تنتاب النبى من داخل و من خارج
.
6 – الأزمة الايمانية السادسة : الفتنة بترك بعض الوحى
القرآنى
فى صراع محمد النفسانى بين الايمان و الشرك ، تراكمت
عليه أزمة جديدة يصفها بقوله : " فلعلك تارك بعض
ما يوحى اليك ، و ضائق به صدرك ! أن يقولوا : لولا أنزل
عليه كنز ! أو جاء معه ملك ! – إنما أنت نذير ! و الله
على كل شىء وكيل " ( هود 12 ) . لقد بلغت أزمة الايمان
فى نفس محمدا حدا أوشك فيه أن يترك بعض ما يوحى اليه !
و سبب الفتنة الجديدة عجز محمد عن معجزة تؤيده فى دعوته
. فيجيب القرآن على لسانه : " ما عندى ما تستعجلون
به " . ثم يحدد له معنى نبوته و رسالته : "
إنما أنت نذير " ! و ما على النذير اجتراح المعجزة
لصحة النبوة و الدعوة .
فشهادته على صحة رسالته ، ليست المعجزة ، بل شهادة أساتذته
له ، الذين هم على بينة من ربهم فى كتابهم : " أفمن
كان على بينة من ربه – و يتلوه شاهد منه ، و من قبله كتاب
موسى إمام و رحمة – أولئك يؤمنون به ! و من يكفر به من
الاحزاب فالنار موعده ! فلا تك فى مرية منه ، انه الحق
من ربك ، و لكن أكثر الناس لا يؤمنون " ( هود 17
) . و قوله : " و يتلوه شاهد منه " هو مثل قوله
: " و شهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله " (
الاحقاف 10 ) . فإن شاهدا من بنى إسرائيل النصارى ، "
من عنده علم الكتاب " ( الرعد 43 ) يتلو |