التوحيد ، و إما هو إله الشرك . و حاشا للقرآن و النبى
أن يدعوا لشرك . فكان " رب البيت " بالكعبة
إله التوحيد . و هذه شهادة قرآنية على التوحيد القائم
فى كعبة مكة . و بما انه ليس عند العرب من توحيد فلسفى
مستقل ، و بما ان اليهودية كانت بعيدة عن مكة ، فالتوحيد
العربى الملتزم فى الكعبة كان توحيدا مسيحيا . وهبه كان
عربيا مستقلا . ففى سورة ( قريش ) يظهر تأييد القرآن لتوحيد
قومه .
لكن القرآن كان دعوة " نصرانية " . فنزل التصحيح
: " إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة ... و أمرت
أن أكون من المسلمين " ( النمل 91 ) . إن "
المسلمين " موجودون بمكة قبل محمد ، و هو يؤمر بالانضمام
اليهم . و نعرف أنهم كانوا النصارى من بنى إسرائيل ( الصف
14 ، الاعراف 159 ) . فالآية دليل على صراع فى نفس النبى
بين التوحيد العربى ( لعله المسيحى ) و بين التوحيد "
النصرانى " الاسلامى . و الآية شهادة قرآنية أيضا
على أنتشار التوحيد العربى ( لعله المسيحى ) فى مكة .
و هذا الصراع دام حتى نزول قوله : " إن المساجد لله
، فلا تدعوا مع الله أحدا " ! و أنه لما قام عبد
الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا ! قل : إنما أدعو ربى
، و لا أشرك به أحدا ! ... قل : انى لن يجيرنى من الله
أحد ، و لن أجد من دونه ملتحدا " ( الجن 18 – 22
) .
4 – الأزمة الايمانية الرابعة : فتنة النبى عما يوحى
اليه
لقد مر بنا قوله : " و إن كادوا ليفتونك عن الذى
أوحينا اليك ، لتفترى علينا غيره ، و اذا لاتخذونك خليلا
! و لولا ان ثبتناك ، لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا (
الاسراء 73 – 74 ) . التصريح واضح : لقد كادوا يفتنون
النبى عما يوحى اليه ، و كاد محمد ان يركن اليهم شيئا
قليلا .
و نعرف من قصة الغرانيق ان ذلك وقع له ، و اعترف محمد
بذلك : " قلت على الله ما لم يقل " !
و تأتى آية التبديل فى التنزيل فتزيد الأمر بيانا :
" و إذا بدلنا مكان آية – و الله أعلم بما ينزل –
قالوا : انما أنت مفتر ! " ( النحل 101 ) . فالتبديل
فى آى القرآن وقع لمحمد ، بنص القرآن القاطع ، و إن كان
ذلك بأمر الوحى نفسه . و الحادث مشهود ، لذلك شنع الكافرون
على النبى . و هذا التبديل فى آى القرآن يسبب فتنة للناس
و أزمة ايمانية لمحمد نفسه. |