إلى ربك و لا تكونن من المشركين ! و لا تدع مع الله
إلها آخر ! لا إله إلا هو " ( القصص 86 – 88 ) .
تحذير صارخ ، و لا تحذير إلا من واقع !
و يعود القرآن الى التحذير نفسه فى ( الاسراء ) : "
لا تجعل مع الله إلها آخر ، فتقعد مذموما مخذولا "
! ( 22 ) . و يكرر : " و لا تجعل مع الله إلها آخر
فتلقى فى جهنم ملوما مدحورا " ( 39 ) . و تعطى السورة
سببين لهذه الفتنة . الأول نزغ الشيطان فى نفس الانسان
: " و قل لعبادى يقولوا التى هى أحسن . إن الشيطان
ينزغ بينهم ، ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا "
( 53 ) . يظهر ان الشيطان يتدخل فى الوحى ، و فى نفس النبى
، تسهيلا لفتنة محمد عما يوحى اليه : " و ان كادوا
ليفتنونك عن الذى أوحينا اليك لتفترى علينا غيره ! و إذا
لا تخذوك خليلا ! و لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن اليهم
شيئا قليلا ! إذا لأذقناك ضعف الحياة و ضعف الممات ، ثم
لا تجد لك علينا نصيرا " ( 73 – 75 ) . إن الإشارة
صريحة : لقد كاد محمد يركن الى المشركين شيئا قليلا .
علق على ذلك الاستاذ دروزة 1 : " سورة القصص
تأتى فى الترتيب قبل سورة الاسراء ، و يلمح فى الآيات
شىء مما جاء فى آيات ( الاسراء ) بصراحة أكثر ، إذ احتوت
أمر للنبى صلعم بأن يشهد الله على المهتدى من الضال ،
و تنبيها له بأن لا يظاهر و لا يواد الكافرين ، و بأن
لا يدعهم يصدونه عما أنزل الله اليه ، و بأن لا يأتى بأى
شىء فيه أى معنى من معانى اشراك أحد غير الله ، مع الله
. و يلهم هذا ان النبى صلعم كان يختلج فى نفسه مسايرة
الزعماء شيئا ما ، رغبة فى كسبهم الى صفه " .
إن آيات ( القصص ) و ( الاسراء ) تلهم أكثر من مسايرة
: إن حملتهما المتواصلة مصبوبة على جعله مع الله إلها
آخر ! و لا تحذير إلا من أمر محتمل الوقوع ! إنه التحذير
المتواتر لمحمد نفسه من الشرك !
3 – الأزمة الايمانية الثالثة : التردد بين التوحيد
العربى و التوحيد " النصرانى " .
كان هم محمد الأكبر " إيلاف قريش " لدعوته
. فنزل " لإيلاف قريش ... فليعبدوا رب هذا البيت
الذى أطعمهم من جوع ، و أمنهم من خوف " . "
رب البيت " إما هو إله
|