و فى آية الشورى ( 52 ) هداية الى تبليغ التوحيد الكتابى
على طريقة موسى و عيسى معا ، و هذا ما يسميه الهداية الى
ملة ابراهيم " قل : اننى هدانى ربى الى صراط مستقيم
، دينا قيما ، ملة ابراهيم حنيفا ، و ما كان من المشركين
" ( الأنعام 161 ) .
لاحظ اقتران التعابير الثلاثة : الصراط المستقيم ، و
الدين القيم ، و ملة ابراهيم . و كلها صفات الاسلام "
النصرانى " الذى أمر محمد بأن ينضم اليه ، و يتلو
مع أصحابه النصارى من بنى اسرائيل قرآن الكتاب : "
و أمرت أن اكون من المسلمين و أن أتلو القرآن " (
النمل 91 – 92 ) فالمسلمون موجودون قبل محمد ، و هو ينضم
البهم و يتلو معهم " القرآن " قبل القرآن العربى
. و ما القرآن العربى سوى نسخة عن " القرآن "
الذى معهم : " و شهد شاهد من بنى اسرائيل ( النصارى
) على مثله " ( الاحقاف 10 ) .
فالهداية الثانية كانت الى النبوة ، نبوة التبليغ :
فهو دعى " ليعلمهم الكتاب و الحكمة " أى التوراة
و الانجيل ( البقرة 129 و 151 ، آل عمران 164 ، الجمعة
2 ) ، كما تعلمها المسيح من الله ( آل عمران 48 ، المائدة
110 ) .
ثانيا : حياة محمد النبوية : الأزمات الايمانية العشر
يظهر القرآن المكى تأديبا لمحمد فى التوحيد ، قبل أمته
. فإن محمدا قد انتابته فى دعوته أزمات ايمانية خانقة
، تدل عليها ظواهر قرآنية غريبة .
ففى القرآن المكى ظواهر غريبة مريبة فى تحذير النبى
من الشرك ، و تهديده فى ترك التوحيد ، و تحريضه على الاستقامة
، و أمره بالاستغفار من ذنبه .
الظاهرة الأولى هى تحذير محمد المتواصل من الانزلاق
الى الشرك . فمنذ سورة ( القلم ) يقال له : " فلا
تطع المكذبين : ودوا لو تدهن فيدهنون " ( 8 – 9 )
– و لا تحذير بدون سبب و يتواتر التحذير : " فلا
تدع مع الله إلها آخر " ( الشعراء 213 ، القصص 88
) .
الظاهرة الثانية هى تهديد النبى من ترك التوحيد و الميل
الى الشرك : " فلا تكونن ظهيرا لكافرين ، و لا يصدنك
عن آيات الله بعد إذ أنزلت اليك ، و ادع الى ربك ، و لا
تكونن من المشركين " ! ( القصص 86 – 87 ) . و تتنوع
التهديدات فى سورة ( الانعام ) : " و لا |