أولا : حياة محمد قبل النبوة : " وجدك ضالا فهدى
"
لم يولد محمد ، مثل المسيح ، على الهدى و النبوة .
لم يقطع القرآن بحق المسيح أنه ولد نبيا : " قال
( فى مهده ) : انى عبد الله آتانى الكتاب و جعلنى نبيا
" ( مريم 30 ) ، و عاش نبيا رسولا فى طفولته كما
فى كهولته : " و إذا قال الله : يا عيسى ، ابن مريم
، اذكر نعمتى عليك و على والدتك إذ أيدتك بروح القدس :
تكلم الناس فى المهد و كهلا ، و اذ علمتك الكتاب و الحكمة
، و التوراة و الانجيل " ( المائة 110 ، قابل آل
عمران 45 – 46 ) . و هذه ميزة استعلى بها المسيح على الأنبياء
و المرسلين أجمعين .
و يقطع القرآن و الحديث و السيرة بأن محمدا اهتدى إلى
النبوة كهلا فى سن الأربعين ، بعد خمس عشرة سنة من زواجه
بخديجة بنت خويلد ، ابنة عم ورقة بن نوفل قس مكة .
ففى القرآن إشارة الى ما قبل البعثة فى قوله : "
قل : لو شاء الله ما تلوته عليكم و لا أدراكم به : فقد
لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون " ( يونس 16
) ، فإنه " لم يكن يعلم من نبوته شيئا قبل نزول الوحى
عليه " ( دروزة ) .
و التصريح الصريح عن حال محمد قبل البعثة قوله : "
ألم يجدك يتيما فآوى ؟ ووجدك ضالا فهدى ؟ ووجدك عائلا
فأغنى " ؟ ( الضحى 6 – 8 ) .
علق عليها دروزة 1 بقوله : " إن آيات سورة
الضحى ( 6 – 8 ) من أقوى و أوضح النصوص القرآنية فى نشأة
النبى صلعم و حياته الى مبدإ الوحى ، إذ تقرر الآيتان
الأولى و الثالثة 1 ) ما هو من البدائه المعروفة اليوم
من أن النبى كان يتيما ، و انه نشأ فى حضانة رحيمة من
جده ثم من عمه أبى طالب ... استمرت حتى انقلبت الى حماية
قوية من عمه كما يدل معنى " الايواء " . 2 )
أنه كان فقيرا فأغناه الله و أخبار السيرة التى لا اختلاف
فى جوهرها و لا تناقض تذكر ظروف ذلك على ما هو معروف من
صلة السيدة خديجة بنت خويلد ر . عن طريق عمله لها فى التجارة
، و اقترانه بها نتيجة لهذه الصلة ... هذه الصلة التى
كانت فاتحة عهد جديد ، بل حادثا حاسما فى حياة السيد الرسول
صلعم كان له أكبر الأثر فى الاتجاه النهائى الذى اتجه
اليه . و تهيأت به نفسه و قواه الروحية لتلقى الرسالة
العظمى
|