مطلقات أدعيائهم أو أبنائهم بالتبنى . و نعتقد ان هذا
التعليل هو مفتاح الحادثة . فقد كانت العادة قوية راسخة
و لم يجرؤ – على ما يبدو – أحد على نقضها ، بعد أن عابت
آيات ( الاحزاب 4 – 6 ) عادة التبنى و أمرت بإبطالها .
فألهم الله النبى صلعم أن يقوم على إبطال هذه العادة بنفسه
فى زينب ... و العتاب الربانى فى الآيات مصبوب على تردده
فى الإقدام على تنفيذ ما ألهم الله خشية انتقاد الناس
و حياء منهم " .
إنما تحليل الاستاذ و تعليله ينقضان صريح القرآن كما
فسره الزمخشرى . و الاستاذ يقلب حقيقة النص السبب مسببا
، و المسبب سببا . إن إبطال عادة التبنى كان سبيلا للحادث
، لا سببا له ، كما نقلوا و نقلنا على لسان عائشة : "
إن ربك يسارع لك فى هواك " ! و هل فى إبطال عادة
التبنى المعمول بها فى عوائد الدنيا و شرائعها كلها من
عبقرية فى التشريع ؟ هل من بطولة فى النبوة أن يقوم محمد
" على إبطال هذه العادة بنفسه ، و لم يجرؤ أحد على
نقضها " ؟ و فات الاستاذ انه ينظر الى الفرع ، من
دون الأصل . و الأصل ليس إبطال عادة التبنى ، بقدر ما
هو التعدى على حدود الشريعة القرآنية بالاقتصار على أربع
نساء معا .
هذان العاملان سببا لمحمد أزمة ضمير دامت حتى نزلت التحلة
الكبرى و معها الغفران . و ذلك أيضا لأن سبب الزواج من
زينب بنت جحش كان فى الحقيقة و الواقع الهوى و الجمال
، كما فى القرآن و الحديث و السيرة . يكفى شاهدا تحريم
النساء عليه من بعدها .
أخيرا الوجه الإجتماعى فى الجماعة . فقد زلزل المسلمون
زلزالا عظيما أكثر زلزال غزوة الاحزاب . فهدد النبى باللعن
من يخوض فى الأمر : " إن الذين يؤذون الله و رسوله
لعنهم الله فى الدنيا و الآخرة ، و أعد لهم عذابا مهينا
" ( الاحزاب 57 ) . فلم تنته الأزمة . حينئذ هدد
بالنفى و القتل ( الاحزاب 60 – 61 ) ، فهدأت الضجة الكبرى
، و عاد الرسول الى المؤالفة و المسايرة ( الاحزاب 69
– 71 ) .
المأساة الثانية " حديث الافك " بحق عائشة
عند رجوع القوم من غزوة بنى المصطلق ، تخلفت السيدة
عائشة عن المعسكر لحاجة ، و قدمت الى المدينة مع صفوان
بن المعطل السلمى . فحامت الشبهة حول عائشة – و ان كانت
فوق الشبهات . لكن ظروف الحال جعلت للشبهة مخرج صدق . |