لصلح الحديبية و تسهيلا لفتح مكة . هنا السبب السياسى
ظاهر . لكن هل فيه ما يبيح لمثال أمته استباحة شريعة القرآن
؟ و زواجان يقعان فى فترة وجيزة ، فى ختام غزوة خيبر !
و الاستباحة الخامسة كانت نكاح ميمونة الهلالية ، وقعت
عمرة القضاء سنة تسع ، أى 629 م تنفيذا لمعاهدة الحديبية
. ففى هذه العمرة تزوج محمد ميمونة بنت الحارث الهلالية
، أخت زوجة العباس عمه ، و خالة خالد بن الوليد . و تولى
العباس نفسه إنكاحه إياها . فارتبط النبى بالمصاهرة مع
جناحى مكة ، بنى أمية و بنى هاشم . فكان ذلك الزواج حافزا
لخالد بن الوليد أن يسلم ، فأسلم و أهدى محمدا أفراسا
له . و تبعه عمرو بن العاص و عثمان بن طلحة ، حارس الكعبة
. و قد أسلم بإسلام هؤلاء كثيرون من مكة . فبات حزب محمد
قويا فيها . و بات فتح مكة ميسورا سياسيا . و الدافع السياسى
لزواج محمد من ميمونة ظاهر . لكن كان فيه نصيب أيضا للهوى
و الجمال ، " و يقال انها هى التى وهبت نفسها للنبى
صلعم . و ذلك أن خطبة النبى صلعم انتهت اليها و هى على
بعيرها . فقالت : البعير و ما عليه لله و لرسوله . فأنزل
الله تعالى و تبارك : و امرأة مؤمنة ، إن وهبت نفسها للنبى
... 1 .
لكن هذه البدعة بزواج الهبة أثارت حفيظة عائشة . فأحلها
الوحى القرآنى للنبى بتحلة مطلقة لكل " امرأة مؤمنة
، إن وهبت نفسها للنبى ، إن أراد النبى أن يستنكحها ،
خالصة لك من دون المؤمنين " ( الاحزاب 50 ) . قال
دروزة 2 فى تبرير هذه البدعة : انها " تنطوى
على صورة من صور زواج النبى صلعم الخاصة . فهو ، فوق أنه
كان يخطب نساءه و يمهرهن جريا على العادة المعروفة ، كان
بعض النساء المؤمنات يعرضن أنفسهن عليه هبة . و مما لا
ريب فيه ان هذا إنما كان قصد التشرف بالصلة به و الحرص
على نيل الكرامة العليا فى الزوجية النبوية . و قد أباح
الله له الاستجابة لمن شاء منهن ، تقديرا لهذه الرغبة
فى نيل شرف هذه الزوجية الكريمة " .
لكن لماذا يستثنى النبى عن أمته بزواج الهبة ، و هو
" الاسوة الحسنة " لهم ؟ و لماذا هذه الاباحة
المطلقة لكل " امرأة مؤمنة " ) و ما هذا التسلط
على نساء المسلمين : " خالصة لك من دون المؤمنين
" ؟ و لماذا هذه الإباحة بالهبة من قيود الشريعة
القرآنية ؟ و لماذا جعل زواج الهبة
|