و استغفره ، إنه كان توابا " ( سورة النصر ) .
ان محمدا يؤمر بالاستغفار حتى فى نصر الله و الفتح ، لأن
فيهما ما يستوجب الاستغفار من الذنوب .
فلم يكن محمد معصوما من الذنوب فى سيرته و تأدية رسالته . و عصمة الرسل إنما هى فى الوحى
و التنزيل ، لا فى السيرة و لا فى السريرة ، لا فى القيام بالدعوة ولا فى تأدية الرسالة . و من عصمة
الله فى هذا فقد عصمه فوق عصمة الرسل . و هذه العصمة فى السيرة لم ينلها محمد بنص القرآن القاطع ،
كما مر بنا .
يقول عبد السمان 1 : " و الفترة التى قضاها
محمد صلعم نبيا رسولا ، كان فيها بجانب النبوة و الرسالة
بشرا ، لم يتخلى عنه جانب واحد من جوانب البشرية كلها
. كان مرتبطا بالوحى حين يتكلم – فحسب – أما حين لا يتكلم
الوحى ، فله تفكيره و له رأيه ، و بجانب ذلك آراء و تفكيرات
أتباعه ، يستشيرهم و يعتد بآرائهم فيما لا رأى للوحى فيه
.
" و من البلاهة المركزة أن يصر بعض البسطاء من
المسلمين ، و من كتاب السيرة ، على أن محمدا كان معصوما
خلال فترة نبوته و رسالته من كل كبيرة و صغيرة ، لأن كل
حركة و سكنة ، و قول و فعل منه ، انما كان بوحى . و ليس
لهؤلاء البلهاء من حجة سوى قوله تعالى : " و ما ينطق
عن الهدى ، إن هو إلا وحى يوحى " ... و يجهل هؤلاء
أو يتجاهلون ان المقصود من هاتين الآيتين ان الرسول منزه
عن الهوى ، و أن ما يتلوه على الناس من قرآن ، ليس من
تأليفه ، و انما جاء به الوحى من عند الله ...
" إن محمدا طولب بالاستغفار من ذنبه ، كما طولبت
أمته أيضا بالاستغفار من ذنوبها . و فى ذلك أكثر من آية
. و ليس هناك ما يدعو الى الخلط و التأويل الفاسد ( كما
يقول بعضهم : ان المقصود بامر الاستغفار أمة محمد ، و
ليس محمدا نفسه ) ...
" فى القرآن صور من عتاب الله لمحمد ، و ليس العتاب
إلا نتيجة لمجانية الصواب و ارتكاب الخطإ . و ليس من المعقول
مجاراة أولئك المغالين الذين يحرصون – بل يصرون – على
أن يضفوا على شخصية محمد هالة من التقديس الذى يأباه محمد
نفسه ، لأنه فى غنى عنه . و ليست عظمة الشخصية فى أن تكون
معصومة من الخطإ ... ( ثم ينقل بعض نماذج من صور العتاب
لمحمد ) .
|