على الهجرة ، كل هذا لا يدل على اعجاز فى الشخصية .
فغلإعجاز فى الشخصية يقتضى السكينة النفسية فى المحنة
، و الصمود حتى الاستشهاد .
ثالثا : الذنب و الاستغفار
إن الرسول مثال لأمته و للبشرية جمعاء بقداسة السيرة
. و قداسة السيرة قد تأتلف مع الهفوات البشرية العابرة
. لكنها لا تنسجم مع الاقرار المتواتر بالذنب ، ومع الأمر
المتواتر بالاستغفار .
ظاهرة كبرى فى القرآن هى شعور محمد بالذنب . كان يشعر
بالذنب فى أول أمره : " ألم نشرح لك صدرك ، ووضعنا
عنك وزرك ، الذى أنقض ظهرك " ( الشرح 1 ) . ووزر
ينقض الظهر ليس بالصغير و لا بالحقير ! فسره الزمخشرى
: " و الوزر الذى أنقض ظهره مثل لما كان يثقل على
رسول الله و يغمه من فرطاته قبل النبوة " . و قال
البيضاوى : " ووضعنا عنك وزرك ، أى عبأك الثقيل الذى
انقض ظهرك : و هو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة "
.
و فى أوج النبوة و الرسالة يزداد الشعور بالذنب ، يقال
له : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما
تقدم من ذنوبك و ما تأخر " ( الفتح 1 ) . فإن الذنوب
لا تنتهى . جاء فى تفسير ابن عباس : " لكى يغفر لك
الله ما سلف من ذنوبك قبل الوحى ، ( و ما تأخر ) ما يكون
بعد الوحى الى الموت " . قال الزمخشرى : " يريد
جميع ما فرط منك ، و عن مقاتل : ما تقدم فى الجاهلية و ما بعدها . و قيل : ما تقدم من حديث مارية و ما تأخر من امرأة زيد " . و يجمع الجلالان الآيتين فى صورة واحدة
تكشف عن نفسية النبى العربى : " ووضعنا عنك وزرك
الذى أثقل بالاثم يدل على ضمير حى ، لكنه ، لا يدل على
إعجاز فى الشخصية القدسية .
و هناك صورة قاتمة ، حضور الشياطين و همزاتهم للنبى
، " قل : رب اعوذ بك من همزات الشياطين ، و أعوذ
بك ، رب ، أن يحضرون " ! ( المؤمنون 97 – 98 ) .
إن الأمر بالاستعاذة هو للنبى نفسه : " قل "
. و الاستعاذة دليل الأمر الواقع . و هو يفرض هذه الاستعاذة
خصوصا فى قراءة القرآن ، خوفا من التبديل فيه : "
فإذا قرأت القرآن ، فاستعذ |