و قد يتدخل الوحى ، فى تلك الحال ، حينا لتسليته :
" طه . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ! " ( طه
1 – 2 ) ، و حينا لاحراجه و تعجيزه فى يأسه : " إنك
لا تسمع الموتى ! و لا تسمع الصم الدعاء ! إذا ولوا مدبرين
. و ما أنت بهادى العمى عن ضلالتهم ، إن تسمع إلا من يؤمن
بآياتنا ، فهم مسلمون " ( النمل 80 – 81 ) .
3 – إن الأزمة النفسية الثالثة كانت فى تضايقه من استهزاء
المشركين المتواصل : " كانوا به يستهزئون "
( 6 : 5 و 10 ، 11 : 8 ، 15 : 11 ، 16 : 34 ، 21 : 41
، 26 : 6 ، 36 : 30 ، 39 : 48 ، 40 : 83 ، 43 : 7 ، 45
: 33 ، 46 : 26 ) . يستهزئون من شخصيته الكريمة : "
و إذا رأوك ، إن يتخذونك إلا هزوا : أهذا الذى بعث الله
رسولا ! " ( الفرقان 41 ) . و يستهزئون بدعوته :
" و إذا رآك الذين كفروا ، إن يتخذونك إلا هزوا :
أهذا الذى يذكر آلهتكم " ! ( الأنبياء 36 ) . فيضيق
صدرا بهذا التهكم و الاستهزاء : " و لقد نعلم أنك
يضيق صدرك بما يقولون " ( الحجر 97 ) . و يحزن :
" فلا يحزنك قولهم : إنا نعلم ما يسرون و ما يعلنون
" ( يسن 76 ) . يحزن حزنا متواصلا : " قد نعلم
أنه ليحزنك الذى يقولون " ! ( الأنعام 33 ) . فتأتيه
تعزية و تسلية : " إنا كفيناك المستهزئين "
( الحجر 95 ) . لكن سرعان ما يعود الهزء و السخرية فى
المدينة ، بأسلوب أدهى ، مع المنافقين : " و إذا
لقوا الذين آمنوا قالوا : آمنا ! و إذا خلوا إلى شياطينهم
قالوا : إنا معكم ، إنما نحن مستهزئون " ! ( البقرة
14 ) . و تدوم الحال مع المنافقين فى الهزء و السخرية
إلى آخر العهد بالمدينة : " يحذر المنافقون أن تنزل
عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم . قل : استهزئوا ، ان
الله مخرج ما تحذرون ! و لئن سألتهم ، ليقولن : إنما كنا
نخوض و نلعب : قل : أبالله و آياته و رسوله كنتم تستهزئون
؟ " ( التوبة 64 – 65 ) . و تأتى هذه الصورة فى موقفهم
من التنزيل : " و اذا ما أنزلت سورة ، فمنهم من يقول
: أيكم زادته هذه ايمانا ؟ فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا
و هم يستبشرون ، و أما الذين فى قلوبهم مرض ، فزادتهم
رجسا على رجسهم و ماتوا و هم كافرون ! أولا يرون أنهم
يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين " ؟ ! ( التوبة 124
– 126 ) . هذه إشارة الى انه كان ينزل بالمدينة فى كل
عام سورة أو سورتان ، فكان ذلك مناسبة لفتنتهم فى العام
مرة أو مرتين . و هذه السخرية بمناسبة التنزيل كانت تصيب
محمدا فى الصميم . و تتراكم الأزمات فى نفس النبى .
4 – إن الأزمة النفسية الرابعة ، كانت فى موقف أقاربه
من دعوته . فهو يصف موقفهم منه بقوله : " و هم ينهون
عنه ! و ينأون عنه ! " ( الأنعام 26 ) ، أى بعصبيتهم
|