عن دراسة التوراة و الانجيل ، فدرسهما محمد : "
و كذلك نصرف الآيات – و ليقولوا : درست ! – و لنبيه لقوم
يعلمون " ( الانعام 105 ) . فلا ينفى تهمة الدرس
، بل يوضح غايته من درس التوراة و الانجيل ، و هى تبيان
الكتاب للعرب الذين غفلوا عن دراسته أى " تفصيل الكتاب
" . و هو يستعلى على المشركين بدرس الكتاب المقدس
: " أم لكم كتاب فيه تدرسون ... أم عندهم الغيب فهم
يكتبون " ( القلم 37 و 47 ) ، مما يعنى أن محمدا
عنده كتاب فيه يدرس ، و منه يكتب الغيب ، بل الكتب المقدسة
كلها : " و ما آتيناهم من كتب يدرسونها " (
سبأ 44 ) ، أما هو فقد أوتى كتبا يدرسها . و ذلك "
ليعلمهم الكتاب و الحكمة " أى التوراة و الانجيل
، كما يردد بتواتر ( البقرة 231 و 151 ، آل عمران 164
، الجمعة 2 ) . فالقرآن بهذا النص القاطع هو تعليم العرب
" الكتاب و الحكمة " أى التوراة و الانجيل .
فجاء " تنزيل رب العالمين " فى القرآن "
من زبر الأولين " ( الشعراء 193 – 197 ) ، "
بتفصيل الكتاب " لهم أو " تعليمهم الكتاب و
الحكمة " . لقد درس محمد التوراة و الانجيل ، و درسهما
للعرب فى القرآن . هذه هى شهادة القرآن القاطعة التى تقضى
على القول بأمية محمد ، و تبرهن أن قصص القرآن من الكتاب
، درسه على " من عنده علم الكتاب " ( الرعد
43 ) . فليس فيه من معجزة غيبية . مع العلم ان الدرس و
الوحى لا يتعارضان ، و مع العلم ان ما فى القصص القرآنى
بصيغة التلمود ، لا بصيغة الكتاب ، كما كان يفعل أهل الكتاب
أنفسهم .
سادسا : سيرة محمد تدل على سعة علمه و اطلاعه
إن إجماع السير النبوية و الحديث يدل على أن محمدا كان
قبل دعوته " يتحنف " شهرا مع قس مكة ، ابن عمه
، ورقة بن نوفل . و هذا القس النصرانى يشهد الحديث الصحيح
أنه كان يكتب الكتاب العبرانى ، و يترجم الانجيل الى العربية
. و قد قضى محمد فى جواره بعد زواجه من السيدة خديجة ،
بنت عم ورقة ، مدة خمس عشرة سنة قبل البعثة يحضر كتابة
الكتاب و ترجمة الانجيل . فققص القرآن و أخبار الخلق و
أوصاف اليوم الآخر كان يسمعها من أستاذه ، قس مكة "
النصرانية " .
ناهيك عن رحلتى الشتاء و الصيف ، الى اليمن و الشام
، موطن المسيحية و بعض اليهودية ، فى تجارة زوجته السيدة
خديجة التى كانت تجارتها تعدل تجارة قريش ، و ما يقتضيه
ذلك من سعة اطلاع ، فى اتصال دائم مع أهل الكتاب . |