رابعا : تداول الكتاب و الانجيل معربين بين العرب
قبل القرآن
يقول الاستاذ دروزة أيضا 1 : " و هناك نقطة
أخرى متصلة بهذا البحث عن اليهودية و النصرانية العربية
، ثم بالثقافة العربية بوجه عام ، و هى : ما اذا كانت
التوراة و الانجيل فى عصر النبى و بيئته منقولا الى العربية
أم لا ؟
" إن القرآن يحكى مواقف حجاج و مناظرة دينية بين
النبى صلعم من جهة ، و بين النصارى و اليهود من جهة أخرى
... و القرائن القرآنبية تلهمنا من جهة ، و التاريخ المتصل
بالمشاهدة من جهة أخرى ، يخبرنا بأن آلافا مؤلفة من العرب
كانوا نصارى ، و منهم البدو و منهم الحضر . و استتباعا
لهذا فإن السائغ أن يقال : إنه لابد من أن يكون بعض أسفار
العهد القديم و العهد الجديد – إن لم يكن جميعها – قد
ترجمت الى العربية قبل الاسلام ، و ضاعت مع ما ضاع من
آثار مدونة فى غمرات الثورات و الفتن و الحروب . و لعل
ما فى القرآن من أسماء و كلمات معربة كثيرة أو من تعابير
مترجمة ، متصلة بمحتويات هذه الأسفار ، مما تصح أن تكون
قرائن على ذلك . و نرى هذا هو الذى يستقيم مع وجود عشرات
ألوف العرب النصارى ، و آلاف الرهبان و القسيسين العرب
، و مئات الكنائس و الأديار العربية " .
أجل هذا منطق التاريخ . و القرآن شاهد عدل أيضا . فهو يميّز أمة عيسى عن جماعة محمد و عن اليهود بأنهم " أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل و هم يسجدون " ( آل عمران 113). عرب نصارى يصلون بمكة، و تلاوة أسفار الكتاب والإنجيل ركن من أركان صلاتهم و قيام الليل: فبأي لغة يتلون الكتاب والإنجيل؟ لا شك أنهم يتلون بلغتهم العربية.
والقرآن يتحدّى اليهود: "قل: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين" (آل عمران93). . ينتدبهم إلى تلاوة التوراة أمام عرب المدينة، ألا يدل هذا على أنها كلنت مترجمة الى العربية، و أنها تُتلى بالعربية، أولاً للدعاية، ثم ليفهمها العرب المتهّودون أو المنتصرون ؟
خامسا : القرآن " تفصيل الكتاب "
يصرح القرآن عن نفسه بأنه " تفصيل الكتاب "
( يونس 37 ) " بلسان عربى مبين " ( الشعراء
195 ) . و التفصيل بلغته الدرس و التعريب ، كما يظهر من
مقالة العرب : " إنما أنزل الكتاب على طائفتين من
قبلنا ، و إن كنا عن دراستهم لغافلين " ( الانعام
156 ) . غفلوا هم
|