سادسا : دعوة المسلمون الى قتال الفرس و الروم
جاء قوله : " ستدعون الى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم
أو يسلمون " ( الفتح 16 ) . هل فى هذا النص خبر عن
قتال موعود للفرس و الروم ، و الانتصار عليهم ؟
إنه يأتى فى سورة ( الفتح 16 ) تحريضا على غزوة خيبر
و معاقل اليهود فى الشمال ، كما يتضح من سياق النص ( الفتح
15 – 19 ) . فظاهر النص أن " القوم أولى البأس الشديد
" هم يهود الشمال فى معاقلهم . فليس هو نبوءة غيبية
، بل تسجيل واقع الحال .
و قد تكون الآية ( الفتح 16 ) من زمن غزوة تبوك ، كما
يدل عليه مضمونها و مضمون سورة التوبة ( 90 – 106 ) .
دعاهم إلى تأديب النصارى العرب الموالين للروم فى مشارف
الشام . فكانت غزوة مؤتة الفاشلة ، ثم غزوة تبوك المتعسرة
التى انتهت بصلح مشروط . و لو كان فى التحريض على قتال
العرب النصارى فى مشارف الشام معنى النبوءة الغيبية ،
لما تقاعس الاعراب أهل الغزو عن المسيرة ، فنزل فيهم :
" و الاعراب أشد كفرا و نفاقا ، و أجدر ألا يعلموا
حدود ما أنزل الله على رسوله ، و الله عليم حكيم "
( التوبة 97 ) . فالنبأ أمر مشهود فى غزوة تبوك ، لا أمر
موعود من علم الغيب .
فليس فى الآية . و لا فى قرائنها ، معنى دعوة المسلمين
الى قتال الفرس و الروم ، و الانتصار عليهم . إنهم يحملون
النص ما لا يحمله ، ليجدوا فيه نبوءة غيبية .
سابعا : تهديد المتخلفين عن غزوة تبوك
يرون نبوءة غيبية فى قوله : " فرح المخلفون بمقعدهم
خلاف رسول الله ... فإن رجعك الله الى طائفة منهم ، فاستأذنوك
للخروج ، فقل : لن تخرجوا معى أبدا ، و لن تقاتلوا معى
عدوا ، إنكم رضيتم بالقعود أول مرة ، فاقعدوا مع الخالفين
" أى المتخلفين عن الغزو ( التوبة 81 و 83 ) . قال
الباقلانى : " فحق ذلك كله و صدق ، و لم يخرج من
المخالفين الذين خوطبوا بذلك معه أحد " .
لكن فات الباقلانى و أمثاله أن الرسول نفسه لم يخرج
الى غزوة البتة بعد تبوك ، فهى آخر غزوات النبى ، انتقل
بعدها الى الرفيق الأعلى . هذا الواقع ينقض معنى النبوءة
|