|
الكتاب المقدس |
ما هو الكتاب المقدس، كلمة الله الحي عند المسيحيين؟
ما سر السلام والهدوء التي يتمتع بهما المؤمنون المسيحيون؟
يقول
الكتاب المقدس في رسالة بولس الرسول إلى أهل فيليبي الأصحاح 4: "افرحوا في الرب كل
حين واقول أيضا افرحوا. ليكن حلمكم معروفا عند جميع الناس. الرب قريب. لا تهتموا
بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله
الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع." إن السلام الذي يتمتع به
أولاد الله ليس من صنع بشري بل يأتي من كلمة الله الحية والأزلية لكل من يقرأها بحب
كما قال النبي داود في الزبور: "كم أحببت شريعتك!" يعتقد كثيرون أن السلام هو في
كثرة المال أو السلطة لكن أية صعوبة نواجهها في حياتنا أو ربما زلزالا صغيرا أو
كارثة طبيعية تكشف نوعية السلام الذي نتمتع به. ويقول السيد المسيح في إنجيل يوحنا
الأصحاح 14 والآية 27: "سلاما اترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم
أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب ". ويقصد السيد المسيح بهذا السلام هو السلام الذي
يمنحنا إياه كلام الكتاب المقدس لأنه كلام الله ووصاياه التي فيها صلاح البشرية
كلها بينما يبحث العالم عن السلام في نواحٍ أخرى يقودهم إليها إبليس كالملذات
وامتلاك الأشياء الغالية الثمن وغيرها من أمور هذا العالم الزائفة.
كيف
يمكن للمرء أن يحصل على هذا السلام من الكتاب المقدس؟
يكتشف الإنسان نفسه من
خلال قراءته لكلمة الله الأزلي، فالكتاب المقدس ينفرد عن كل الكتب الأخرى بتوضيح كل
أسرار الحياة.
أليست هناك كتب أخرى تكشف هذه الأسرار؟
حتى وإن وجدت
كتبا أخرى فلن تبين كل أسرار الحياة وإن ذكرت بعضها فقد لا يكون واضحا ومفهوما.
فمثلا ليس من كتاب آخر سوى الكتاب المقدس يوضح كيف خلق الله الأرض والسماء والعالم
الذي نعيش فيه. فكلمة الله تكشف كيفية مجيئنا إلى هذه الحياة وسبب وجودنا فيها والى
أين ستؤدي بنا.
ولماذا ينفرد الكتاب المقدس بهذه الصفات
والميزات؟
يجيب الكتاب المقدس نفسه عن هذا السؤال فيقول بولس الرسول معرفا عن
فائدة الكتاب المقدس: "كل الكتاب هو موحى به من الله وهو نافع لتعليم الحق وتوبيخ
الضلال وتصحيح الخطأ والإرشاد إلى الصلاح." الكتاب المقدس كتاب حي، فكما نفخ الرب
في تراب الأرض وأعطى آدم حياة كذلك نفخ نسمة حياة في كلمات الكتاب المقدس فأصبحت
كلماته حية تتكلم لكل من يقرأها وتعرفه معنى حياته وحقيقتها.
كيف يمكن
أن تتحدث كلمات الكتاب المقدس إلى قارئها؟ فهل للكلمات لسان؟!!
طبعا ليس للكلمات
لسان لكن روح الله الموجودة في كل مكان تكلم كل واحد في ضميره عن طريق الكلمة
الموحى بها، لذا فإن كلمة الله هي المصدر الذي منه نعرف مشيئة الله
تعالى.
هل صحيح أن الكتاب المقدس لم يكتب على يد إنسان واحد بل كتبه اكثر
من شخص؟
صحيح لكن هذا يبين عظمة كلمة الله وقوتها أي أن هذا شهادة لصحة الكتاب
المقدس فنقرأ في رسالة بطرس الرسول الثانية الأصحاح 1 والآيات من 19-21: "وعندنا
الكلمة النبوية وهي اثبت، التي تفعلون حسنا إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في
موضع مظلم إلى أن ينفلج النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم عالمين هذا أولا أن كل
نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله
القديسون مسوقين من الروح القدس."
وما المقصود بذلك؟
إن الكتاب المقدس
فريد حتى في طريقة كتابته لأن الذين كتبوه هم أنبياء كثر عاشوا في فترة زمنية دامت
1500 سنة وقد أتوا من بيئات مختلفة ولكن كل واحد كتب سفره أو كتابه مكملا السفر
الذي يليه وشارحا نفس القصة وهي قصة الخليقة وسقوط آدم والحل الذي قدمه الله عن
طريق مسيحه لكي ينقذ البشرية من عقاب الخطية. نجد اتحادا وانسجاما بين كل أسفار
الكتاب المقدس على الرغم من اختلاف كتّابه.
كيف يكون هناك انسجام في حين
أن أناسا كثيرين اشتركوا في كتابة الكتاب المقدس في فترة زمنية كبيرة؟ وكيف يكون
هناك اتحاد في حين أن الذين كتبوه هم من بيئات مختلفة؟
هذا هو التفرد والعظمة في
كتابة كلمة الله الحي مع مرور كل هذه العصور. فكلمة الكتاب المقدس واحدة لأن المؤلف
واحد هو الله عز وجل. صحيح أن أسلوب الذين كتبوه مختلف كونهم من بيئات مختلفة لكنهم
جميعا خضعوا خضوعا كاملا لروح الله مما جعل الكلام الذي كتبوه على اختلاف العصور
واحد ويشير إلى محور واحد هو المسيح الذي هو طريق الخلاص والنجاة. وهذا ما يشير
إليه الكتاب المقدس في إنجيل يوحنا الأصحاح 1 والآية 1: "في البدء كان الكلمة
والكلمة كان عند الله." والكلمة هنا هو المسيح ولكنه الكلمة المتجسد يعني عقل الله
الناطق الذي عاش معنا هنا على الأرض لمدة 33 سنة معطيا إيانا مثلا نعيش
به.
ألم يكن مع المسيح إنجيلا منزلا من السماء إذ لا نجد أي إنجيل باسم
المسيح بل كل الأناجيل دونها تلاميذه أو رسله؟
المسيح نفسه هو الإنجيل الذي نزل
من السماء لأن كل كلمة كان يقولها لم تكن من نفسه لكن يقول عنه إنجيل يوحنا الأصحاح
7 والآيات من 15-18: "فتعجب اليهود قائلين كيف هذا يعرف الكتب وهو لم يتعلّم.
أجابهم يسوع وقال تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني. إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف
التعليم هل هو من الله أم أتكلم أنا من نفسي. من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه، وأما
من يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم."
حسنا إذا كان المسيح هو
الإنجيل بنفسه فلماذا لم يكتبه بنفسه ايضا؟
لم يكتب المسيح إنجيلا بنفسه لأنه هو
عقل الله الناطق للبشر وقد اختار الله قديسين لهذه المهمة وهم تلاميذ المسيح الذين
اختارهم الله.
لكن لماذا اختار الله أربعة أشخاص وليس واحدا فقط ليكتب
الإنجيل؟
لنأخذ هذا المثل رغم اختلافه بعض الشيء لأنه من حياتنا. لنفترض أن
لديك شركة وعملاء مختلفين في عاداتهم ومعتقداتهم وأساليبهم لكنك تريد أن تكون
تجارتك ناجحة معهم جميعا. فمن المتوقع أن تختار أشخاصا لهم شخصيات تتناسب مع كل
عميل لكي تكون تجارتك ناجحة مع كل العملاء لأن مندوبيك سيوصلون لهم المعلومات
بالطريقة التي يفهمونها.
وما علاقة ذلك في أن أربعة أشخاص كتبوا الإنجيل
وليس واحد؟
هذا ما حصل أيضا مع المسيح إذ اختار المسيح تلاميذه الذين عاشوا معه
وعاينوا كل ما فعله وسمعوا كل ما قاله. وبما أن مشيئة الله هي توصيل رسالة الخلاص
لكل الناس، كان لكل تلميذ من التلاميذ الأربعة أسلوبه المختلف وطريقة كتابته
المختلفة.
ها انك تقول بنفسك أن لكل واحد طريقته المختلفة، ألا يعني أن
كل واحد كتب قصة على مزاجه؟
حتما لا، بل إن كل واحد تكلم عن نفس القصة لكن
بالطريقة التي يفهمها الناس الذين يكتب إليهم.
ما هي الطرق الأربعة التي
كتب بها الإنجيل؟
التلاميذ الذين كتبوا الإنجيل هم: متى ومرقس ولوقا ويوحنا. كتب
متى إنجيله لليهود، وبما أن اليهود كانوا عارفين التوراة وصحف الأنبياء والزبور وكل
النبوات التي كتبت عن المسيح كان أسلوب متى يعلن المسيح المنتظر أي مسيح النبوات
وكان يستخدم هذا الأسلوب معهم لكي يقنعهم ويفهمهم من هو المسيح من الكتب التي
يؤمنون بها. أما مرقس فقد كتب إنجيله للرومان وكان يركز في إنجيله على إظهار المسيح
انه الملك المسيطر على مملكته وسلطانه على الكون كله وأن مملكته أعظم من كل ممالك
الرومان. لذلك لا نجد في إنجيل مرقس أية نبوات من التوراة. أما لوقا فكتب
إنجيله ليكون نافعا لكل الأمم الأخرى غير المؤمنة بالمسيح وبين فيه قصة يسوع كونها
دستورا لكل الجنس البشري من غير أن يفرق بين عادات معينة أو شعب معين، فنجده يستشهد
من سفر النبي أشعيا الأصحاح 52 والآية 10: "كل جسد يرى خلاص الرب." أما الإنجيل
الرابع والأخير فكتبه يوحنا للمؤمنين بالمسيح من كل الشعوب لكي يشجعهم ويكلمهم عن
الحق الذي هو يسوع المسيح. ورغم كل الاختلافات في أسلوب التلاميذ الأربعة لكننا نجد
الأناجيل الأربعة تتكلم عن شخصية واحدة وقصة واحدة هي قصة السيد المسيح الذي عن
طريقه عرف الناس طريق النجاة من العذاب الأبدي. وهذا هو تماما معنى كلمة الإنجيل
باللغة اليونانية أي الخبر السار أو البشارة لكل الناس. حقا إن الاختلاف رحمة فلولا
الاختلاف في أساليب الذين كتبوا الإنجيل لبقي الإنجيل مكتوبا من اجل شعب معين وليس
لكل البشرية.
فإن كان لديك من شك في كلمة ربنا الحية المكتوبة في الكتاب المقدس
والتي قال عنها السيد المسيح في إنجيل متى الأصحاح 24 والآية 35: "السماء والأرض
تزولان لكن كلامي لا يزول" أدعوك أن ترفع قلبك بالصلاة:
"يا رب أنت تعرف أني
ضعيف وعندي شكوك دوما لكن يا رب سامحني أني في يوم من الأيام اعتقدت أن كلمتك قد
تتغير أو يمكن لأية قوة بشرية أن تحرف معناها. يا رب أشكرك على كلمتك الحية التي
تعطينا حياة وترشدنا لكل الحق في المسيح يسوع. آمين."
|
|
|