والمادة من المشاكل العسرة فقد جاء في كتاب المضنون
الصغير الموسوم بالأجوبة الغزالية في المسائل الأخروية
للغزالي ما يأتي :-
"قيل له (أي للغزالي) وما حقيقة هذه الحقيقة (أي
حقيقة الروح) وما صفة هذا الجوهر وما وجه تعلقه بالبدن
؟ أهو داخل فيه أو خارج عنه ؟ أو متصل به ؟ أو منفصل عنه
؟ قال (رضي الله عنه) لا هو داخل ولا هو خارج ولا هو منفصل
ولا متصل . لأن مصحح الاتصاف بالاتصال والانفصال الجسمية
والتحيز . وقد انتفيا عنه فانفك عن الضدين كما أن الجماد
لا هو عالم ولا هو جاهل لأن مصحح العلم والجهل الحياة
فإذا انتفت انتفى الضدان . (فقيل له) هل هو في جهة ؟ فقال
هو منزه عن الحلول في المحال والاتصال بالأجسام والاختصاص
بالجهات فإن كل ذلك صفات الأجسام وأعراضها والروح ليس
بجسم ولا عرض في جسم بل هو مقدس عن هذه العوارض . (فقيل
له) لم منع الرسول عليه السلام عن إفشاء هذا السر وكشف
حقيقة الروح بقوله تعالى قل الروح من أمر ربي ؟ فقال لأن
الإفهام لا تحتمله لأن الناس قسمان عوام وخواص . أما من
غلب على طبعه العامية فهذا لا يقبله ولا يصدقه في صفات
الله تعالى . فكيف يصدقه في حق الروح الإنسانية ؟ |