ذلك المظهر المكاني ؟ وفضلا عن ذلك ـ هل يعتقد أحد
أن ظهوره تعالى في ذلك المظهر استنفذ كل حضوره بحيث لم
يعد في الإمكان أن يكون حاضرا في موضع آخر ؟ إن موسى رأى
النار في العليقة وسمع صوتا يناديه منها . واسرائيل رأى
السحابة النارية في قدس الأقداس وكلاهما سجد معتقدا أن
الله حاضر فيما رآه (وذلك كان الواقع) ولكن لم يخطر ببال
أحد منهما أن السموات كانت لحظتئذ خالية من حضور الله
بل وجدا نفسيهما بإزاء سر غامض ذي وجهتين متناقضتين ظهرا
لاحقا .
وكذلك القول في ملاك الحضرة .
والإسلام عالم بهذه الغوامض قدر علم النصرانية بها .
فقد جاء في حديث عن النبي أنه شعر مرة بأصابع الله على
رأسه . فقوله شعر بتلك الأصابع بمثابة قوله (شعر) بها
في مكان معين .
وهذا يفضي بنا إلى عقيدة التجسد في المسيح . وهي نفس
ذلك السر . ولكن حالته أسمى وأشرف فإنه يمثل ذات الله
في حيز مكاني مع أنه ليس في الحيز ـ متعلق الحضور بموضع
معين ولكن غير محصور ـ مؤثرا في الحواس ولكن منزها عنها
ـ معلنا لنا ولكن محجوبا بواسطة الإعلان . فيجب أن نقبل
كلتا |