إثبات هذا نكون قد أثبتنا القول بأن الله الذي هو أسمى
الكائنات وحدة هو أسماها أيضا في التنوع الأزلي .
إذا تمعن الإنسان في الطبيعة (التي يجد فيها ظل الله)
يرى أن الأشياء التي لا يكون التنوع أو التمييز في وحدتها
ساميا لا يكاد يصح أن تنسب إليها وحدة بمعنى الكلمة .
خذ الحجرة مثلا . فهي لها وحدة ما لأنها حجرة . ولكن ما
أقل قيمة هذه الوحدة ! وإذا رضختها شطرين لا تكون قد مسست
وحدتها (إلا بالاعتبار الحسابي) لأنها لا تزال حجرا وإن
تكن قد جزأتها إلى شطرين .
ونلتفت الآن إلى الأشياء الحية وهي المعروفة بالمملكة
العضوية أو الآلية فنرى الأمور على خلاف عظيم . ولكن هنا
أيضا نرى أنه كلما ارتقى التميز أو التنوع كانت الوحدة
أسمى.
ولنبدأ بأسفل درجات المملكة الحية ولنأخذ النبات مثلا
حيث يكون التنوع على أقله والوحدة بسيطة كوحدة الحجر تقريبا
. خذ الطحلب مثلا . فهذا النبات يمكن تقطيعه بدون الحاق
ضرر بصفته الجوهرية .
وكلما صعدنا في سلم المملكة النباتية نرى أنه كلما ازداد
تنوع الوحدة كان جوهر حقيقتها أسمى أي أننا (أولا) لا
يمكننا أن نجزئها |