الأقل دونته كتب التاريخ المعاصر ، و تغنى به الشعراء
المعاصرون و ما كثرهم فى جزيرة العرب يومئذ " .
و نقول : لو حدث شىء من مثل ذلك ، لآمن العرب من دون
جهاد و قتال ، و لعرفه الفرس و الروم و آمنوا بالنبى العربى
، من دون فتوحات و حروب !
لا يسعنا إذن أن رنى فى الآية القرآنية ، على نقيض حرفها
و معنااها ، حادثا تاريخيا جرى على يد محمد معجزة له !
فهذا يناقض علم الفلك ، و ارتباط عالمنا الشمسى بجاذبية
واحدة ، و ارتباط هذه الجاذبية الشمسية بالجاذبية الكونية
. و لنفكر فى ما يترتب على انشقاق القمر من احداث و أخطار
فى مدار القمر كما فى مدار الأرض ، فى الهواء كما فى البحر
، فى النبات و الحيوان و الانسان .
إن انشقاق القمر شرط من اشراط الساعة : هذا كل ما فى
آية القرآن . و من الظلم للقرآن و العقل و العلم أن ننسبللقرآن
ما هو منه براء .
تلك نماذج خمسة من المعجزات التى يستنبطونها للنبوة
فى القرآن ، و تهافتها فى ذاتها يقضى عليها قضاء مبرما
. إنما هى الحماسة التى تدفع بالشعب و من يجاريه من العلماء
بالحديث و التفسير ، الى استنباط معجزات من " آيات
متشابهات " فى القرآن ، لأنهم يشعرون بالفطرة ، مثل
أهل مكة أنفسهم ، أن المعجزة دليل النبوة الأوحد ، "
سنة الأنبياء الأولين " ، " السلطان المبين
" من لدن الله ، و انه لا نبوة بدون معجزة . فإذا
لم يجدوها فى القرآن خرقوها بالحديث و التفسير .
و صريح القرآن هو بمنع المعجزة عن محمد منعا مبدئيا
مطلقا ( الاسراء 59 ) ، و امتناع المعجزة عنه امتناعا
واقعيا مطلقا ( الاسراء 93 ) . لذلك وقف المعتزلة قديما
بوجه الحماسة الشعبية تجاه أهل الكتاب ، و حماسة المحدثين
و المفسرين ، بإعلانهم : لم يجعل الله القرآن دليل النبوة
. و علماء العصر فى التفسير و السيرة ، اضطروا إلى أن
يعلنوا موقف القرآن السلبى من كل معجزة ، و أن يصرحوا
مثل الاستاذ دروزة كما نقلنا : " إن حكمة الله اقتضت
أن لا تكون الخوارق دعامة سيدنا محمد عليه السلام ، و
برهانا على صحة رسالته و صدق دعوته "
أجل لم " يذكر القرآن لمحمد معجزات " على
الاطلاق . |