إمدادهم " بألف من الملائكة مردفين أى مترادفين
متتابعين يردف بعضهم بعضا ، وعدهم بها أولا ثم صارت ثلاثة
آلاف ، ثم خمسة كما فى آل عمران " ( الجلالان ).
و هذا التفاوت فى تحقيق عدد الملائكة دليل على الرؤيا
الصوفية ، لا على الرؤية الواقعية .
و النعاس الذى " يغشاهم أمنة " مما حصل لهم
من الخوف قبل المعركة هو أيضا عناية ربانية .
و المطر الذى ينزل عليهم فجأة ليستعيضوا به عن ماء بدر
هو أيضا تدخل ربانى .
ثم وحى الله فى أثناء المعركة للملائكة بإلقاء الرعب
فى قلوب المشركين ، و أمر الله إلى ملائكته ليضربوا المشركين
فوق الاعناق و كل بنان . و هذا هو الحديث الغيبى كأنه
محسوس !
ثم رؤيا محمد للمشركين فى المنام قليلا كى لا يفشل قومه
من كثرة عددهم !
ثم ، فى أثناء المعركة ، يتدخل الله مع الجيش بالرؤيا
ليرى المسلمين عدوهم قليلا و يرى المشركين عدوهم كثيرا
ليتم القتال و النصر . فالرؤيا الغيبية تصبح شاملة .
فى هذا الجو الحماسى من الرؤى الصوفية لأحداث المعركة ، يجب أن نفهم مقالة الرمى : " و ما رميت ، إذ رميت
، و لكن الله رمى " ، مهما كان موضوع الرمى . فهى
مثل قوله فى الآية نفسها : " فلم تقتلوهم و لكن الله
قتلهم " ! فهو رد على تفاخرهم بعد المعركة ، حيث
" كان الرجل يقول : قتلت و أسرت " ! فقد قتل
من قتل ، لكن فى حقيقة الأمر " الى الله ترجع الأمور
" ( 44 ) . على ضوء هذا المبدأ فسر القرآن أحداث
المعركة و معنى " الرمى بالحصباء " ، و هو عمل
مألوف إشارة الى الهجوم .
فليس فى هذه الأحداث كلها المشهودة و الغيبية من حادث
معجز – و الأحداث الغيبية المقرونة بالمشهودة برهان قاطع
على أنها تحليل صوفى للمعركة .
فليس للرمى بالحصباء من معنى المعجزة شىء ! و لا من
أركان المعجزة شىء! فلم يأت الرمى جوابا على تحد بالمعجزة
، و فى السورة عينها لما تحدوه بمعجزة لم يرد عليهم "
بمعجزة الرمى " ! |