للعمل، رجل بوليس
وجندى وناظر المحطة. فتتطلع رجل البوليس إلى الساعة
المعلقة على الحائط وأشار إلى ورقة بيضاء موضوعة على
زجاج الساعة، قائلاً ماذا يعنى ذلك؟.
فقال ناظر المحطة لأن الساعة لا
تعمل بدقة، ويمكن لأى شخص أن ينخدع بها، لذلك لصقت هذه
الورقة على واجهتها. ولكن إذا أردت أن تعرف الوقت بدقة،
قال الناظر وهو يخرج ساعته من جيبه، ويمكننى أن أخبرك
الآن، فالباقى ثلاث دقائق على موعد القطار.
يالها من حساسية مطلوبة، فقد تعلم
بالإختبار أن ساعة المحطة لا يجب الوثوق منها، وعليه
تصرف كما يجب. كذلك فالنفس المشغوله بذاتها لتتعلم الدرس
من ناظر المحطة، وتكتب على المشاعر والعواطف "
لا يجب الوثوق بهما ". ولكن هذا لا يعنى أن كل
العواطف والمشاعر خاطئة، كلا. إننا لا نتكلم ضد مشاعر
السعادة التى تنتابنا، وفى ذات الوقت لا نقول أن هناك
خطأ ما فى سلوك المؤمن أو فى طرقه إذا لم يشعر بالسعادة.
ما نريد أن نقوله، إذا أردت ألا تكون مخدوعاً بذاتك
فلا تثق فى نفسك بأى طريقة. ولا تسترح على ما يثق به
عقلك، ولا على كل مشاعر السعادة كذلك. إننا نسر بهما
ولكن حالما ننشغل بهما أكثرمن مشغوليتنا بالمسيح يصبح
من الضرورى أن نطرحهما بعيداً، وإلا ففى هذه الحالة
نتخبط وكأننا فى بحر مضطرب من الشكوك والهواجس بلا قيادة
أو توجيه.
الصعوبة
السابعة عشر
ولكن كيف أؤمن أننى
خلصت إلى أن أشعر بهذا الخلاص؟
يا عزيزى إن الشعور ينبع من الإيمان،
وليس الإيمان هو الذى ينبع من الشعور. ولك هذا المثال
" أُم يصلها خطاب من صديق طبيب محب للعائلة فى
نيوزيلندا يخبرها فى أن إبنها الوحيد قد عفى من مرض
خطير والآن هو فى طريق عودته إلى بيت العائلة. وكم فرحت
الأم بهذه الأخبار حتى طغى عليها شعورها فبكت من فرط
الفرح. وأسألك الآن من أين جاء شعورها بهذا الفرح؟ من
علمها بأن أبنها قادم إليها. وكيف علمت بأنه قادم؟ لأنها
صدقت كلام الطبيب. وهى تعلم أنه صديق محب وعطوف وتعلم
أنه لا يقصد خداعها.
وهكذا نرى أن هناك أربعة أشياء
متميزة تتعلق بهذا الأمر.
أولاً:
هى تسلمت خطاباً يحمل إليها النبأ السعيد.
ثانياً:
هى صدقت الخطاب لأنها تثق فى مرسله.
ثالثاً:
هى علمت أن إبنها الآتى معافى وأنه فى طريق العودة
إلى البيت، لأنها صدقت الخطاب.
رابعاً:
هى اطمأنت وفرحت بشعور الابتهاج لمعافاة إبنها
وبعودته إلى البيت.
ألست ترى أن الشعور بالبهجة جاء
أخيراً فى حين أنك كنت تتوقع أن يكون هذا الشعور يحتل
المركز الأول؟ الأم لم تقل أنا أعلم أنه سيأتى إلى البيت
لأننى أشعر بأنى سعيدة، بل تقول لا مفر من أن أكون سعيدة
لأننى أعلم أنه سيرجع إلى البيت.