نفس محمد ، فكيف يكون هذا الاعجاز معجزة للثقلين ؟
فمحمد بحاجة إلى التثبيت فى الايمان قبل المؤمنين بدعوته
: " و كلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك
، و جاءك فى هذه الحق ، و موعظة و ذكرى للمؤمنين "
( 120 ) . هذه الصورة النفسية و الايمانية الثانية برهان
قاطع على ان محمدا لم يعتبر اعجاز القرآ، معجزة ، و ان
الله لم يجعل القرآن دليل النبوة . و من انتساب محمد إلى
" اولى العلم " من اهل الكتاب ، و من انتساب
القرآن إلى " امامة " الكتاب له ، نفهم أن التحدى
باعجاز القرآن كان محصورا بالمشركين العرب ، لا مطلقا
يعم العالمين ، و لا موجها للكتابيين أهل العلم و الهدى
الذين عندهم الكتاب " امام " القرآن .
و فى سورة ( الحجر ) ، الرابعة و الخمسين ، يستفتح بقوله
: " آلر . تلك آيات الكتاب و قرآن مبين " (
1 ) . بهذا الوصف يحدد صلة القرآن العربى بالكتاب : يتلو
آيات الكتاب ، كما يشير بقوله : " تلك " ، ثم
يعقب عليها بقرآن مبين لها . فيقول : " ربما يود
الذين كفروا لم كانوا مسلمين ! ( 2 ) . فيردون عليه :
" يا ايها الذى نزل عليه الذكر ، انك لمجنون "
! لو ما تأتينا بالملائكة ، ان كنت من الصادقين "
( 6 – 7 ) . فيجيب ببساطة : " لا يؤمنون به ، و قد
خلت سنة الاولين " ( 13 ) . اجل لقد مضت و انقضت
سنة الله بتاييد انبيائه بالمعجزات ، فلا معجزة عند محمد
. و هذا ما يضايقه فى دعوته : " و لقد نعلم انك يضيق
صدرك بما يقولون " ( 97 ) .
و فى هذه السورة النص القاطع على أن " القرآن "
الذى يدعو إليه الكتاب الامام : " و لقد آتيناك سبعا
من المثانى و القرآن العظيم ... كما أنزلنا على المقتسمين
الذين جعلوا القرآن عضين ( 87 و 90 – 91 ) . فالمقتسمون
هم " اليهود و النصارى ، ( الذين جعلوا القرآن )
اى كتبهم المنزلة عليهم ، ( عضين ) أجزاء ، حيث امنوا
ببعض و كفروا ببعض " ( الجلالان ) . فالقرآن العظيم
الذى يدعو اليه محمد بالقرآن العربى هو الكتاب المقدس
و ذلك بشهادته هذه القاطعة . و بما ان " القرآن العظيم
" هو الكتاب المقدس فان " المثانى " المقرونة
به هى " المشنة " فى التلمود ، نقل التعبير
بحرفه العبرى و عربه . و المشنة هى " فرقان "
الكتاب اى تفصيله و تفسيره . ان تعبير " القرآن و
المثانى " يعنى الكتاب و السنة . فالقرآن العربى
هو تفصيل " القرآن العظيم " أى الكتاب المقدس
مع سبع قصص من " المشنة " و هذا مصدر قصصه التوراتى.
|