" و يسألونك عن الروح ؟ قل : الروح من امر ربى
، و ما اوتيتم من العلم ، الا قليلا " ( 85 ) ، فهذه
شهادة ناطقة على أن " العلم " المنزل فى القرآن
أقل مما فى كتاب الامام الذى مع " أولى العلم "
. و تلك الحدود و القيود للتحدى باعجاز القرآن تفسر ايضا
معنى " الاسراء " فى الآية الوحيدة التى تستفتح
السورة : " سبحان الذى اسرى بعبده ليلا من المسجد
الحرام الى المسجد الاقصى " ( 1 ) . فليس المذكور
معجزة على الاطلاق ، لان السورة عينها تعلن ان المعجزة
منعت عن محمد منعا مبدئيا مطلقا ( 59 ) . و التكرار فى
اخبار القرآن و اوصافه متواتر مشهود ، فلو كان فى اية
الاسراء اليتيمة ادنى معنى للاعجاز لتوارد فى القرآن .
و الآية نفسها تنص على أنه تم " ليلا " فلم
يكن مشهودا ، فليس فيه معنى التحدى ليصح معجزة . أنه أيضا
" رؤيا " ليل ، قصها محمد للفتنة " بنص
القرآن القاطع ( 60 ) فليس فيه معنى الاعجاز . و القرآن
نفسه يقطع الطريق على كل من يرى فيه اعجازا أو معجزة ،
بنقله تحدى المشركين له باسراء كالذى تضعه الاية ، "
أو ترقى فى السماء ! و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا
نقرأه ! – قل : سبحان ربى هل كنت الا بشرا رسولا "
( 93 ) ، لذلك فهو لم يرق فى السماء ، و لم ينزل عليهم
كتابا من السماء ، و القرآن يصرح بعجز النبى عن مثل ذلك
.
و السورة الحادية و الخمسون ( يونس ) تصرح بان القرآن
" تفصيل الكتاب " الذى قبله . يتحدونه بمعجزة
، " و يقولون : لولا انزل عليه اية من ربه ! – فقل
: انما الغيب لله ! فانتظروا انى معكم من المنتظرين "
( 20 ) . لم تأت المعجزة بعد . لذلك فالتحدى بالقرآن من
قبل و من بعد ليس فيه معنى المعجزة على الاطلاق . و بدون
معجزة ينسبون اليه افتراء القرآن ، فيجيب : " و ما
كان هذا القرآن ان يفترى من دون الله ، و لكن تصديق الذى
بين يديه ، و تفصيل الكتاب ، لا ريب فيه ، من رب العالمين
" ( 37 ) . يرد تهمة الافتراء بأن القرآن "
تفصيل الكتاب " و " تصديق " له ، "
بامر " من رب العالمين ( الدخان 1 – 5 ) . و هو اذا
ما سمى " التفصيل " القرآنى " تنزيلا "
، فلأنه تفصيل التنزيل الكتابى : " و هو الذى انزل
اليكم الكتاب مفصلا ، و الذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه
منزل من ربك بالحق ، فلا تكونن من الممترين " ( الانعام
114 ) . فاهل الكتاب لا يستطيعون ان يعملوا و ان يشهدوا
لتنزيل و تفصيل من السماء ، بل لتفصيل التنزيل الموجود
معهم و يتم على الارض بامر الله . و بعد رد الافتراء ببيان
حقيقة القرآن أنه " تفصيل الكتاب " ، يتحداهم
" بسورة مثله " : " ام يقولون : افتراه
! – قل : فاتوا بسورة مثله ، و ادعوا من استطعتم من دون
الله ، ان كنتم صادقين " ( 38 ) . ان التحدى للمشركين
، فهو نسبى محدود ، و بما انه " تفصيل الكتاب " |