حدَّثنا رسول الله (صلعم): "إنّ خَلْقَ أحدِكم يُجمَع فى بطن أمه أربعين
يوماً، وأربعين ليلة ـ أو أربعين ليلة، ثم يكون عَلَقَة مثله، ثم يكون
مُضْغةً مثله، ثم يَبْعَث الله إليه المَلَكَ، فيُؤذَنُ بأربع كلمات:
فيكتب رزقَهُ وأجَلَه، وعمله، وشقىّ أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإنّ
أحدكم ليعمل بعَمَلِ أهلِ الجنة، حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع،
فيسبِقُ عليه الكتابُ، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخُلُ النار. وإنّ أحدكم
ليعمَل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيَسْبِق عليه
الكتابُ، فيعملُ عَمَلَ أهلِ الجنّة فيدخُلُها" (الأحاديث القدسية
حديث١٠٠) رواه البخارى فى باب بدء الخلق ج ٤، وباب القدر ج ٨، وكتاب
التوحيد ج ٩.
ثانياً ـ الخلاص بالرحـمة وحـدها
[٢] ووجدت أحاديث أخرى تقول إن خلاص نفس الإنسان يتوقف على رحمة الله
وحدها، حتى أن نبى الإسلام يطلب رحمة الله وحدها، شأنه شأن أى إنسان آخر.
ولا يمكن أن نبى الإسلام يخلص من خطاياه ما لم تتداركه رحمة الله وتتغمده.
فيقول حديث عن عائشة، قالت: يا رسول الله! ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة
الله تعالى؟ فقال: "ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى" ثلاثاً.
قلتُ: ولا أنت يا رسول الله؟!.. فوضع يده على هامته فقال: "ولا أنا، إلا أن
يتغمدنى الله برحمته" يقولها ثلاث مرات. رواه البيهقى فى "الدعوات
الكبيرات" (مشكاة المصابيح حديث ١٣٠٥ تحقيق الألبانى).
ولقد تعلمت من هذا أنه لا يمكن لإنسان أن يحصل على الخلاص إلا أذا تغمده
الله برحمته، فطمأننى هذا الفكر. لكننى عدت أتساءل: إن كان الله رحيماً،
فإنه أيضاً عادل. فإذا غفر الله خطاياى برحمته وحدها فإنه بهذا يوقف عمل
عدالته. وهذا يعنى وقف عمل عدالته. وهذا يعنى وقف عمل صفة من صفات الله
سبحانه. ولا شك أن هذا يُنقص من عظمة الله وكمالاته .