هذا ما يصرح به فى السورة السابعة ( التكوير ) ، حيث
نجد أول وصف لرؤيا غار حراء : " و انه لقول رسول
كريم ... و لقد رآه بالأفق المبين " و قول الرسول
الكريم نعرف مضمونه من سورة ( الشورى 52 مع 15 ) حيث يأمره
الوحى بالايمان بالكتاب و تلاوته على العرب ، هذا هو الصراط
المستقيم الذى يهدى إليه : " و إنك لتهدى إلى صراط
مستقيم " ( 52 ) ، " و قل : آمنت بما انزل الله
من كتاب ، و أمرت لأعدل بينكم " ( 15 ) ، هذا هو
دين ابراهيم و موسى و عيسى الذى يشرعه الله فى القرآن
للعرب ( الشورى 13 ) .
يؤكد ذلك منذ مطلع الدعوة ، فى السورة الثامنة ( الأعلى
) حيث يدعو لتوحيد " الرب الأعلى " بدعوة الكتاب
نفسه : " إن هذا لفى الصحف الأولى ، صحف ابراهيم
و موسى " 18 _ 19 ) . و نجد هذه الدعوة القرآنية
بحرفها فى التوراة : " إيل عليون " ( التكوين
14 : 19 _ 20 ) ، فهى صورة التوحيد السامى الأصيل ، الذى
يدين به " ملك شاليم " ( القدس ) ، ملكى صادق
فى زمن ابراهيم الخليل .
و هكذا بعد عشر سور ، أو مقاطع منها ، فتر الوحى القرآنى
أياما أو شهورا أو ثلاث سنين ، على أقوال مختلفة . و ينقل
صحيح البخارى إن فتور الوحى كان بسبب وفاة قس مكة ، معلم
محمد ، و هو ورقة بن نوفل ابن عم ( أو عم ) السيدة خديجة
، ثرية مكة التى كانت تجارتها تعدل تجارة قريش ، ووليها
الذى أزوجها محمدا . فتأثر محمد تأثرا بالغا حتى كاد ينتحر
. فجاءت السورة الحادية عشرة ( الضحى ) تعزيه و تذكره
بنعم الله عليه : " ألم يجدك يتيما فآوى ! ووجدك
ضالا فهدى ! ووجدك عائلا فاغنى " . فالقرآن يذكر
لمحمد هداية بمناسبة زواجه من خديجة ، و ما كانت هذه الهداية
إلا إلى دين قس مكة ورق بن نوفل ، أى هداية إلى "
النصرانية " ، و هى الشيعة بالنسبة إلى السنة المسيحية
. و حزن محمد من وفاة معلمه طويلا ، حتى أوشك أن ينتحر
، و هذا الدليل الأكبر مع القرآن على اتجاه النبى العربى
فى دعوته . فالوحى القرآنى كان هداية من الضلال إلى "
صحف ابراهيم و موسى " كما يفهمها قس مكة " النصرانى
" ، الى التوحيد الواحد الوحيد بين " ابراهيم
و موسى و عيسى " ( الشورى 13 ) .
فى السورة الثانية عشرة ( الشرح ) ، بعد التعزية عن
فتور الوحى ، يأتى الغفران : " ألم نشرح لك صدرك
، ووضعنا عنك وزرك ، الذى أنقض ظهرك " ( 1 _ 3 )
. أيكون هذا الوزر الثقيل فكرة الانتحار التى ساورت النبى
فى أزمة الوحى ووفاة معلمه ، قس مكة ؟ |